الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن **
قوله تعالى: تردون في فيه غش الحسود حتى يعض على الأكف يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وكفيه: قال القرطبي ومنه قول الآخر أيضًا: قد أفنى أنامله أزمة فأضحى يعض على الوظيفا
أي أفنى أنامله عضًا وقال الراجز: لو أن سلمى أبصرت تخددي ودقة بعظم ساقي ويدي وبعد أهلي وجفاء عودي عضت من الوجد بأطراف اليد
وفي الآية الكريمة أقوال غير هذا منها: أنهم لما سمعوا كتاب الله عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم من العجب. ويروى عن ابن عباس، ومنها: أنهم كانوا إذا قال لهم نبيهم أنا رسول الله إليكم أشاروا بأصابعهم إلى أفواههم أن اسكت تكذيبًا له وردًا لقوله. ويروى هذا عن أبي صالح ومنها: أن معنى الآية أنهم ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم بأفواههم فالضمير الأول للرسل والثاني للكفار، وعلى هذا القول ففي بمعنى الباء ويروى هذا القول عن مجاهد وقتادة ومحمد بن كعب قال ابن جرير وتوجيهه أن في هنا بمعنى الباء قال وقد سمع من العرب أدخلك الله بالجنة يعنون في الجنة وقال الشاعر: وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب
يريد وأرغب بها: قال ابن كثير: ويؤيد هذا القول تفسير ذلك بتمام الكلام وهو قوله تعالى: قال مقيده ـ عفا الله عنه: الظاهر عندي خلاف ما استظهره ابن كثير رحمه الله تعالى، لأن العطف بالواو يقتضي مغايرة ما بعده لما قبله، فيدل على أن المراد بقوله: {فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ} الآية غير التصريح بالتكذيب بالأفواه والعلم عند الله تعالى. وقيل: المعنى أن الكفار جعلوا أيديهم في أفواه الرسل ردًا لقولهم وعليه. فالضمير الأول للكفار والثاني للرسل، ويروى هذا عن الحسن وقيل جعل الكفار أيدي الرسل على أفواه الرسل ليسكتوهم ويقطعوا كلامهم ويروى هذا عن مقاتل وقيل رد الرسل أيدي الكفار في أفواههم وقيل غير ذلك فقد رأيت الأقوال وما يشهد له القرآن منها والعلم عند الله تعالى. تنبيه جمع الفم مكسرًا على أفواه يدل على أن أصله فوه فحذفت الفاء والواو وعوضت عنهما الميم. قوله تعالى:
|